Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

مجلة آفاق تربوية ثانوية المسيرة الخضراء مكناس revue AFAK TARBAWIYA meknes lycée MASSIRA

اللعبة اللعينة ـ ل (سناء سيسي)

IMG_0062.JPGلــــعــبــــة  الحـــيــــــــــاة

 

عفاف فتاة تبلغ من العمر18 سنة ،  لعــوبة تحب المغامرات و الضحك . كلما جلسـت مع صديقاتها الا و تبادلن النكت و الحــكايات و المــقالب .كانت نتائجها الدراســية هزيلة ، مدمنة على متابعة حلقات المسلسلات الطويلة و القصــيرة . تضـحك عندما تثيرها لقطات فيها ضحك مبالغ فيه حتى تدمع عينيها .

أبوها عامل بسيط في شركة للزرابي يقضي معظم يومه في العمل ولا يعود الا في المساء بعد يوم شاق .

زارتـها صديقتها يومـا و اقترحت علــيها اعداد مقلـب لاحدى الفتــيات المجدات في دراسـتهن فقـالت :انظريني يا مـريـم يومـا واحـدا وسترين ما سـاتيك بـه ، يجـب ان نحسن وضع هذا المقلب . خرجت مريم وهي تضحك ثم قالت : أعرف جـيـدا حـيـن تعزمين على شيء.

وفي صباح اليوم الموالي جاءت عفاف الى الفصل كـعـادتها و جـلسـت قـرب مـريـم ناولتها رسالة غرامية من احد شباب الفصل وبـخط منـسـق و مزين بأزهار صغيرة .

و عندما قرأتـها مريم قالـت في استـغراب :

ـ لم افهم شيئا سوى أنها رسالة غرامية .

أجـابت عفـاف :

ـ هذه رسـالة من أحـمد كتبتها باسمه و سأرسلها الى سناء لنرى ردة فعلها .

بعد أيام أصـبحت سنـاء تتحـاشى الحـديث مع أي ولد في الفصل وتأتي متأخرة حتى تـختـار المكـان الأخير لتجلس فيه ، و تـتـمـنى لو كـانـت  المدرسة لا تستقبل الا الاناث . كانت عفاف و مريم  تتفرجان عليها و هما تـضـحـكان . وبـعد أيـام أخـرى أرسلتا رسالة ثانية و ثالثة و رابعة حتى عادت الفتاة تكره الـفـصل ولا تكلم أحدا ، و ظنـت أن أحـمـدا قد بـالـغ في الاعـتداء علـيها واهانـها بـتـلك الرسالة ،

 توجهت نحو مكتب المديرة، دخلت في استحياء ؛ سلمت ثم قالت :

ـ سيدتـي ،مدرسـتـنا أصـبحت مـرتـعا للانحراف واللامسؤولية انظري ماذا فعل أحدهم .

نثرت الرسائل كلها على مكتب المديرة التي بدأت تتفحصها و اشتد غضبها .

داع الخبر بين الأساتذة و اختلفت مواقفهم فـيمـا حـدث . و بدؤوا يطرحون أراءهـم فـي كيفية حل مثل هذه المشاكل . منهم من قال: وماذا في الأمر؟ هؤلاء كلهم مراهقون و يجب معالجة المشكل بالأسلوب و الوقـت المنـاسب . و مـنهم من قـال أن المؤسـسة هي لتحصيل العلم لا لشيء غير ذلك ، وأن الخطأ وقع من الأصل حين جمع الذكور و الاناث في فصل واحد ، ينظر بعضهم للبعض الآخر و يفتن بعضهم ببعض ....

 كانت عفاف و مريم تتأملان المشكل الذي أحدثانه في المؤسسة ، و هما تكتمان الأمر،فقد شعرتا بخطورة ما أقدمتا عليه ،بينما ازدادت رفيقتهما سناء رفعة ، وغدت بطلة تتصرف بحكمة،ما زاد من إصرار عفاف و مريم في إحداث مقلب آخر.

بدأت عفاف تبالغ في مغامراتها حتى سئمت منها مريم لأنها صرفت عن الاجتهاد في دراستها ...  فعفاف تقضي جل وقتها أمام شاشة التلفزيون تتابع حلقات المسلسلات اليومية ، و انشغلت بنفسها كثيرا ليلتفت اليها الناس من حولها ، في وضع الأصباغ على وجهها و اختيار الألبسة المثيرة دون ان تشعر بحرج ... كما أن ما كانت تمزح به تحول الى أفعال  مدبرة ، و بدأت تبحث عن صداقات خارج المؤسسة .

هكذا تركت الدراسة وذهبت لتشتغل في محطة للحافلات ... هناك تعرفت على شباب كثيرين وأصبحت تدخل المغامرات من بابها الواسع . سئم منها أهلها حين أصبحت بنتهم مصدر  خجلهم ، و قلقهم عليها من أحاديث ونظرات الناس ... اضطروا لطردها من البيت ،  فازداد الأمر سوءا . أما مريم فتشبتت بقارب النجاح و هجرت عفاف التي تأتي الى بيتها من حين الى اخر لتسأل عنها ، كانت امتحانات البكالوريا على الأبواب ، حين قررت مريم أن تعكف على حفظ دروسها في حديقة الحي ، كما يفعل كل الطلاب وحين حل الظلام رأت مريم صديقتها السابقة عفاف مع أحد الشبان في أريكة الحديقة جالسة في وضعية مخلة بالآداب ... فاختفت وراء الشجرة حتى لا تراها  ... بينما مضت سناء في جدها تحصد نتائج جيدة الواحدة تلو الأخرى ... وفي نهاية السنة كانت من الأوائل بينما مضت مريم الى الكلية بدرجة مقبولة ، كانت عفاف لا تمر أمام المؤسسة الا وهي تهزأ بالفتيات اللواتي لا يعشن حياتهن ،كن يظهرن لها كالدجاجات الساذجات ...

 أما هي فانها انتزعت حريتها و أصبحت نسرا كبيرا يطير في السماء بجناحيه الكبيرين ، وكل لباسها عبارة عن قطعة صغيرة من الرقبة الى الفخذ لا تكاد تستر شيئا ....فقد شعرت بانها أصابت و أحسنت الاختيار ، و أن قرارها كان موفقا ... قطعت المراحل و أسرعت نحو الحياة الأفضل كما تعتقد ، وما هي الا سنين حتى أصبحت محترفة للفاحشة تنهشها الذئاب البشرية كمها الطري ، مقابل عشاء في المطعم أو رقصة في حانة ليلية . فمرت السنوات وظلت عفاف في شقة ومرقص بمرقص ... تعطي جسمها لمن تشاء و هي حريصة على تطبيق كل المشاهد و الوقائع و الحكايات التي شكلت ذاكرتها وهي تشاهد تلك المسلسلات الفارغة منذ صغر سنها ،وجدت نفسها مشحونة بتلك الأفكار الخاطئة و السلوكات المشينة جراء تأثرها بثقافة المسلسلات المكسيكية التي لا علاقة لها بثقافة مجتمعها ...

 كانت عفاف كعادتها تسهر ليلها و تنام نهارها ، وفي يوم من أيام الصيف الحار استيقظت على الساعة الثالثة بعد الزوال  ، حيث أتت عندها بعض صديقاتها اللواتي أخبرناها أنهن سيذهبن الى شقة قرب البحر ويقضين الليلة مع بعض الأصحاب الذين تعرفهم جيدا.وهمت لترافقهن الا أن زبونا مقربا تقدره ، أرسل اليها رسالة عاطفية في الهاتف يطلب قضاء الليلة معها ، فاعتذرت من صديقاتها الأربع اللواتي ذهبن مع خمسة رجال ، و كانت ستكون هي عاشرتهم لولا اعتذارها.وبعد يومين علمت أنهم توفوا جميعا في شقة صغيرة بعد أن تناولوا الخمر و تركوا موقدا للفحم ظل مشتعلةبعد نومهم فاحترقوا بثاني أكسيد الكربون جميعا ولم ينج منهم أحد ... عثرت عليهم الشرطة في وضع مخل بالحياء ،فارتعبت عفاف و شعرت أن الله صرفها عنهم ليترك لها فرصة لتراجع أعمالها ...

هرعت الى شقتها و أغلقت هاتفها وبدأت تسائل نفسها :

ـ ترى ما حالهم الان مع رب العالمين؟ما جوابهم لو سألهم عن الزنا و الخمر و ترك الصلاة؟ ماذا لو كنت معهمم؟ كيف سيكون جوابي عن سؤال الملكين : من ربك و ما دينك و من هو الرجل الذي بعث فيكم؟

توجهت عفاف نحو الحمام واغتسلت و سجدت لله سبحانه ... فهي لم تعد تعرف كيف تؤدي صلاتها وكم عدد ركعاتها ... فمنذ صغرها وهي بعيدة عن كل ملامح الموت الذي بدأ العمر يتقدم بها نحوه  ، و هي تفقد الاستقرار النفسي و الروحي ...

 استيقظت غريزة الامومة في أحاسيسها و اشتاقت الى طفل تضمه يردد كلمة{أمي} فتسمعه. فمكثت على حال  الندم على الوقت الذي أفنت فيه شبابها .. وسرعان ما أحست بالحنين الى تلك الحياة مرة أخرى سيما وأنه لم يعد لديها مدخول تصرف منه على نفسها ...

عادت مريم الى بيت أمها ... التقت في باب الحي سناء المستشارة القضائية التي عانقتها طويلا و في جلسة حميمية جمعتهما شرحت لها مريم كيف أن عفاف كانت هي صاحبة فكرة المقالب في الفصل، واعتذرت  منها اعتذارا وذكرت لها بأنها كانت على علم بكتابتها لها الرسائل باسم أحمد. فابتسمت سناء وقالت :هذا ما فهمت وان كان فهمي جاء متأخرا لم أتوقع أن تغار مني الى تلك الدرجة و تتصرف بمثل ذلك التصرف الأحمق، ولكن ترى ما أخبارها الان؟ انني أحب رؤيتها .

قالت مريم في نبرة متأسفة:

 ـ  لقد انهارت عفاف و تغير شكلها و انتفخت عيناها ،أما شفتاها و لحم أسنانها فقد علتها الزرقة والسواد.

(( ومن هذه القصة الواقعية التي تفسر لنا معنى الانحراف نستنتج هذا الأخير ظاهرة اجتماعية تواجهنا حاليا و خصوصا في مرحلة المراهقة و الشباب وعلينا أن نتحصن منها ونسلك طريق الصواب باختيار الأصدقاء الصالحين و الاهتمام بدراستنا لأنها سبيل المستقبل .

       فمن هذا المنبر أطلب الى كل التلاميذ أن لا يعاشرو رفقاء السوء وأن يبتعدو على كل هذه النزوات العابرة التي لا تفيدنا بشيء سوى تحطيم مستقبلنا وتحطيم أمال أهلنا الذين ينتطرون منا رؤية الصلاح والتوفيق في حياتنا كما هو الشأن عند التلميذة سناء )).

Retour à l'accueil
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article